صدق أو لا تصدق أن الدين العام في اليابان وصل في نهاية 2015 إلى 2ر228% من الناتج المحلي الإجمالي،  وفي أميركا 6ر111%،  وفي الاتحاد الأوروبي 2ر110%،  والاتجاه للمزيد من الديون.
هذه الدول الكبرى والغنية تزيد مديونيتها منسوبة إلى حجم اقتصادها عن مديونية الأردن منسوبة إلى حجم اقتصادها ومع ذلك فإن هذه النسب الشاهقة للمديونية لا تدعو إلى القلق،  ولا تثير شكوكاً في المراكز المالية لهذه الدول،  ولا تزيد المخاطر في نظر المستثمرين.
السبب بسيط وهو أن هذه الدول مدينة بعملتها الوطنية،  ويعود معظم ديونها لصالح مواطنيها،  بمعنى أنها تقترض من نفسها،  وليست مدينة للعالم الخارجي،  كما أن قدرتها على إصدار عملتها الوطنية لا تحتاج سوى جرة قلم من بنوكها المركزية،  ولو على حساب حدوث تضخم جامح.
لا تقف مشاكل اليابان عند ارتفاع مديونية الحكومة المركزية،  فالتضخم سالب بنسبة 6ر0%،  والنمو الاقتصادي سالب بنسبة 8ر0%،  وإذا لم يكن هذا كافياً فإن عدد السكان في تناقص،  ونسبة السكان فوق سن 65 ارتفعت إلى 25%،  أي أن ربع الشعب الياياني متقاعد!.
لا نسرد هذه الأرقام والإحصاءات للإيحاء بأن مديونية الأردن ليست مرتفعة،  ولا تثير القلق،  وأن هناك مجالاً للمزيد منها طالما أن الحكومة تخطط لاقتراض مليارين من الدنانير سنوياً.
على العكس من ذلك فإن مديونية الأردن تجاوزت الحدود الآمنة،  لدرجة أن صندوق النقد الدولي يرفض رعاية برنامج إصلاح اقتصادي جديد إلا إذا تعهدت الحكومة بتخفيض نسبة المديونية إلى ما دون 70% من الناتج المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات.
الجزء الاكثر خطورة وحساسية من مديونية الاردن هو الديون المحررة بعملات أجنبية،  العائدة لبنوك ودول أجنبية ومؤسسات إقليمية ودولية،  وتبلغ حالياً 42% من إجمالي الدين أو 35% من الناتج المحلي الإجمالي،  وهي في حالة تسارع خلال السنوات الثلاث الاخيرة.
تضخم الدين العام سيء سواء كان محرراً بالدينار أو بالدولار،  ولكن الخطورة الأكبر تكمن في المديونية الاجنبية التي توجهت الحكومة إليها مؤخراً بحجج واهية.
لتمرير القروض الاجنبية يتم وصفها عادة بأنها ميسرة،  بل إن وزارة التخطيط تحسب بعضها ضمن المساعدات الخارجية مع أنها تستوجب التسديد مع الفوائد.
مديونية الأغنياء مصدر قوة،  ومديونية الفقراء مصدر خطر.